مما يتسرعي الانتباه أن عددا وافرا من الرجال يهددون زوجاتهم بالضرب ضربا شديدا بل برمي الأمتعة نحوَها ومع الأسف الشديد كانوا هؤلاء المرتكبون بهذه التصرفات السيئة من المسلمين، فلا غرو أن نجد ونعثر على عدة من الكتاب والباحثين ينقدون ديانة الإسلام قائلين بأن الإسلام دين يشرع تهديد المرأة وعنفها وبالطبع كانت هذه الدعاوى ناشئة من قضايا ؟ هؤلاء المرتكبين
في هذه المناسبة الذهبية يسرني أن أن ألقي الضوء على ماهية الإسلام في التعامل بالنساء، هل كان الإسلام قام بتحقير المرأة أو توقيرها. هذه الركيزة التي أردت أن أضع نصب عيني عنها في هذه الكراسة، وبعض الناس المرتكبين بهذه التصرفات السيئة يعتذر بما قال الله عز وجل في كتابه العزيز: ((وَٱلَّـٰتِی تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهجُرُوهُنَّ فِی ٱلمَضَاجِعِ وَٱضرِبُوهُنَّ فَإِن أَطَعنَكُم فَلَا تَبغُوا عَلَیهِنَّ سَبِیلًا إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیّا كَبِیرا)) (النساء : 34) فكأنهم فعلوا تلك التصرفات مع تيقنهم أن الشارع صوبهم وصححهم، لكن لم تكن هذه الفكرة يصوبها ويصححها الإسلام بل جاء الإسلام في حقيقة الحال باحترام شأن المرأة وتوقيرها. أما تشريع الضرب في الشرائع الإسلامية فليس من باب التهديد والنعف نحوَ المرأة، ومن ثم نعرف أن صدور تلك التصرفات السيئة نشأ من سوء فهم هذه الآية
ومن الأهمية بمكان أن يفهم كل من الأزواج تفسير هذه الآية حتى لا ينزلق في الأخطاء والزلات في المستقبل، ومن ثم أود أن ألقي الضوء على الركائز المهمة حول هذه القضية بالأمور التالية أولا أن الضرب لم يشرع إلا تأذيبًا للزوجات حيث يطعن أزواجهن حق الطاعة فكان الضرب وسيلةً ليس مقصودا، مصداقا لما قاله الإمام الرازي في تفسيره : «مَهْمَا حَصَلَ الْغَرَضُ بِالطَّرِيقِ الْأَخَفِّ وَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَلَمْ يَجُزِ الْإِقْدَامُ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَشَقِّ»[1] ولذلك ينبغي لكل الرجال أن يراعي التدرج في تأذيب أهله، لكن الواقع يقول ربّ رجل قام بضرب زوجته دون أي نصيحة ومهاجرة في المضاجع
علاوة على ذلك أن الضرب الذي أباحته وجوزته الشريعة إنما مجرد الضرب الخفيف دون أي نوع من التبريح والتشديد، لقد اتفقوا العلماء أن الضرب المبرح أو ما يؤثر أثرا في جسد النساء غير مسموح ولا أحد منهم ذهب إلى جواز ذلك. وإليه الإشارة بما قاله الصادق المصدوق ((وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ))[2]. بل قال ابن حجر الهيتمي : «وَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ فَيَحْرُمُ الْمُبَرِّحُ وَغَيْرُهُ»[3]. إذا فهمنا هذا المبدأ الرئيسي في مشروعية الضرب فاستحال أن نخطأ في تأذيب زوجاتنا
مسك الختام، علينا أن نفهم أن الرفق والإحسان من أسس التعامل في حياة المسلم وكان أحدَ الأخلاق الأساسية التي تتصف بها شخصية المسلم ولا تنفك عنها، فهو في بيته يتعامل بالرفق مع زوجته ومع أولاده، وهذا لا يعني التساهل والتغاضي عن الأخطاء بل يعني أن تصحح الأخطاء ويقوم الاعوجاج بلين ورفق ولطف، فباللطف يتحقق مالا يتحقق بالعنف. وبجانب ذلك كانت المرأة لقد وضعها الإسلام في موضعها اللائق ونظر إليها نظرة تكريم واعتزاز وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال، لقد قال عز وجل (( ِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) (الحجرات : 13)). فالعبرة في التكريم عند الله بالتقوى لا بالجنس
[1] «تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير» (10/ 72)
[2] تفسير الطبري (3/329)
[3] «تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي» (7/ 455)
Penulis merupakan mahasantri semester satu
Editor: Alfiya Hanafiyah